للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: أن يقال إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قصد مخالفة المشركين كان هذا دليلا على أن الفسخ أفضل لهذه العلة لأنه إذا كان إنما أمرهم بذلك لمخالفة المشركين كان هذا دليلا على أن الفسخ يكون مشروعا إلى يوم القيامة إما وجوبا وإما استحبابا فإن ما فعله النبي صلى الله عليه وسم وشرعه لأمته في المناسك مخالفة لهدي المشركين هو مشروع إلى يوم القيامة إما وجوبا أو استحبابا فإن المشركين كانوا يفيضون من عرفة قبل غروب الشمس وكانوا لا يفيضون من مزدلفة حتى تطلع الشمس وكانوا يقولون: "أشرق ثبير كيما نغير"فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال خالف هدينا هدي المشركين فلم نفض من عرفة حتى غربت الشمس وهذه المخالفة إما ركن كقول مالك وإما واجب يجبره دم كقول أحمد وأبي حنيفة والشافعي رحمهم الله في أحد القولين وإما سنة كالقول الآخر له والإفاضة من مزدلفة قبل طلوع الشمس سنة باتفاق المسلمين وكذلك فقريش كانت لا تقف بعرفة بل تفيض من جمع فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم ووقف بعرفات وأفاض منها في ذلك نزل قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} وهذه المخالفة من أركان الحج باتفاق المسلمين فالأمور التي خالف فيها المشركين هي الواجب أو المستحب ليس فيها مكروه فكيف يكون فيها محرم وكيف يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه بنسك يخالف نسك المشركين مع كون الذي نهاهم عنه أفضل من الذي أمرهم به أو يقال من حج كما حج المشركون فلم يتمتع فحجه أفضل من حج السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.