وهناك بمنى وقبل زيارة بيت مولاهم يلقون تفثهم، ثم يقبلون على البيت زائرين ولإنعام مولاهم شاكرين، فيطوفون ببيته ويسبحون بحمده، وبذلك يكونون قد أشهدوا على أنهم حضروا الحفل المشهود ونالوا الرفد الموعود. وهاهم أولاء قد عادوا ليسجلوا أسماءهم في سجل الحضور وليعلنوا أنهم من أكرم الزوار.
ومن المعلوم أنه ما تم لهم حضور المشهد المفضل الذي شهدوا ولا تمكنوا من إجابة الدعوة التي أجابوا إلا بعد جهد جهيد وعناء شديد لبعد ديارهم، ولخروجهم عما اعتادوا من ملبس ومسكن ومأكل ومشرب فما أحوجهم والحال هذه إلى أيام راحة واستجمام في مكان هادئ ومنزل طيب مريح فسيح حتى إذا استراحوا واستردوا من قواهم ما فقدوا ودعوا بيت مولاهم وانصرفوا
وما أكرم مولاهم وما أعظم حفاوته بهم إذ أعد لهم فجاج منى الفسيحة ورحابها الطيبة المريحة وعزمهم لإقامة ثلاثة أيام ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه فيقضونها في متع كثيرة بين ترويح للروح وغذاء للبدن فيهللون ويكبرون ويأكلون ويشربون حتى إذا قضوا أيامهم وأراحوا أرواحهم وأبدانهم عادوا إلى البيت فودعوا وانصرفوا والكل يضرب في طريق بلاده عائداً إلى وطنه وموضع ميلاده.