للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المكاتب للغبار والفئران والأرضة، والذي بقي من القرآن الآن قراءته على القبور واستعماله للاستجداء والسؤال، والذي بقي من القرآن الآن جعله للشعوذة والأحجبة خوفاً من المرض والحسد ومس الجن في اعتقاد البلهاء المستدرجين والذي بقي من القرآن الآن كتابة بعض آياته على حلى النساء وخواتم الأصابع للرجال والنساء وفي غمرة الجنابة والحيض والجماع ودخول المراحيض وإزالة البراز والبول بالأيادي المكتوب عليها اسم الله وآياته، كل هذا وأكثر منه يحدث من الذين يقولون إنهم أمة القرآن المؤمنون بمنزله سبحانه ومبلغه صلى الله عليه وسلم، يحدث منهم هذا بهذه الصورة المجرمة الوقحة ولا يستحون معها أن يقولوا إننا مسلمون ونؤمن بكتاب الإسلام، ولم لا يكون من أمتنا ذلك ولم تبال حكوماتهم في برامج تعليمها على اختلاف مراحله بكتاب الله، لا تحفيظاً ولا تفهيماً ولا علومه المتخرجة منه إلى بعض جامعات وسط هذا الخضم المتلاطم من الجهل والنعيق بما لا يسمع إلا بالانحراف والإرجاف فهل من غيورين محزونين على ما أمسى فيه كتاب الله من ترك وتجاهل وإهمال فيتعاونوا على إعادة عصر القرآن الذي كان يهيمن فيه على كل تصرفات المجتمع بأسره صغاراً وكباراً، فقد حدث أن كان الأصمعي رحمه الله يمر في طريق فوجد كما قال:"صبية خماسية أو سداسية العمر تجلس أمام بيت أهلها وهي تردد: (أستغفر الله لذنبي كله، انقضى الليل ولم أصله) ، فقال لها الأصمعي: أصغيرة لم يجر عليك قلم بعد في السماء، وتستغفرين الله بهذه الفصاحة؟ فقالت الصبية: وأين هذه الفصاحة من آية قصيرة في كتاب الله لم تزد عن السطرين، اشتملت على خبرين (تقصد الأخبار البلاغية) وأمرين، ونهيين، وبشارتين. فازداد الأصمعي غرابة وعجباً من حديث الصبية، وسألها عن هذه الآية وما تحويه من الأمور الأربعة التي ذكرتها، فقالت: الآية هي قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ