وأما الحديث الذي يروى عن عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:" كانت يهود خيبر تقاتل غطفان فلما التقوا هزمت اليهود فعاذت بهذا الدعاء " اللهم إنا نسألك بحق محمد النبي صلى الله عليه وسلم الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم، فكانوا إذا دعوا بهذا الدعاء هزموا غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كفروا به، فأنزل الله تعالى:{وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية "وهذا الحديث رواه الحاكم في مستدركه وقال:"أدت الضرورة إلى إخراجه "، وهذا مما أنكره عليه العلماء فإن عبد الملك بن هارون من أضعف الناس وهو عند أهل العلم بالرجال متروك بل كذاب. وقد تقدم ما ذكره يحيى بن معين وغيره من الأئمة في حقه. قلت: وهذا الحديث من جملتها، وكذلك الحديث الآخر الذي يرويه عن أبي بكر كما تقدم في الأحاديث المرفوعة.
ومما يبين ذلك أن قوله تعالى:{وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية إنما نزلت باتفاق أهل التفسير والسير في اليهود المجاورين للمدينة أولاً كبني فينقاع وبني قريظة والنضير، وهم الذين كانوا يحالفون الأوس والخزرج وهم الذين عاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ثم لما نقضوا العهد حاربهم فحارب أولاً بني قينقاع ثم النضير وفيهم نزلت سورة الحشر. ثم بني قريظة عام الخندق فكيف يقال نزلت في يهود خيبر وغطفان فإن هذا من كذب جاهل لم يحسن كيف يكذب ومما يبين ذلك أيضاً أنه ذكر فيه انتصار اليهود على غطفان لما دعوا بهذا الدعاء، وهذا مما لم ينقله أحد غير هذا الكذاب، ولو كان هذا مما وقع لكان مما تتوفر دواعي الصادقين على نقله،.. انتهى (٢١ ص ٨٦) ..