للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداهما يروى عن بعضهم: وهو (الخوفجي) أنه قال عند موته:"ما عرفت مما حصلت شيئاً سوى أن الممكن يفتقر إلى المرجح. ثم قال: الافتقار وصف سلبي أموت وما عرفت شيئاً"هكذا نتركها دون تعليق لننقل لكم الحكاية الثانية والأخيرة، وقد تحاشى الرواة ذكر اسم هذا الأخير لأمر ما وهو يقول:"أضطجع على فراشي وأضع اللحفة على وجهي، وأقابل بين حجج هؤلاء وهؤلاء حتى يطلع الفجر ولم يترجح عندي منها شيء" ويقول شارح الطحاوية:"وهو يعلق على أصحاب هذه النقول بصفة عامة والأخيرتين بصفة خاصة: يقول:"ومن وصل إلى مثل هذه الحال إن لم يتداركه الله برحمته وإلا تزندق، كما قال أبو يوسف: من طلب الدين بالكلام تزندق ".

ومسك الختام لهذه النقول: كلام لإمام من أئمة الهدى الإمام الشافعي عرف القوم وعرف فيهم ما لا يظن وجوده عندهم فلنسمع ماذا يقول الإمام:"لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلماً يقوله، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى الله عنه ما خلا الشرك بالله- خير له من أن يبتلى بالكلام " [١] .

وبعد: لعلي لست بحاجة إلى التعليق على هذه النقول المختلفة، بعد أن أعلن علماء الكلام أنفسهم ممثلين في أئمتهم الذين يحتجون بكلامهم بأنهم ليسوا على شيء وأنهم فضوا أعمارهم فيما لا طائل تحته بل في كلام بعيد عن علوم المسلمين ثم توج إعلانهم ذلك كلام الإمام الشافعي الذي سمعناه ولكن الذي يهمنا في المقام أن ندرك أن تلك المحاولة الجهمية الجهنمية التي قام بها علماء الكلام والتي سبق أن تحدثنا عنها والتي قدمت للمسلمين السذج بأسلوب خداع أظهر تعظيم شأن العقيدة أن تلك المحاولة هي التي نجحت - وللأسف وانتجت هذا الموقف الخطير على عقيدة المسلمين.

"ما هو الموقف السليم "

إذا أثبتنا أن ما ذهب إليه علماء الكلام وتبعهم فيه قوم آخرون أنه غير سليم لابد أن يطرح هنا هذا السؤال: ما هو الموقف السليم إذاً؟ ؟ !..