يقول الإمام محمد بن إسماعيل الصنعاني في جهاد المشركين:[١٥]" فإن قلت: فإذا كانوا مشركين وجب جهادهم، والسلوك فيهم ما سلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في المشركين (أي من قتال وأسر وقتل واستتابة) قلت إلى هذا ذهب طائفة من أئمة العلم، فقالوا: يجب أولاً دعاؤهم إلى التوحيد، وإبانة أن ما يعتقدونه ينفع ويضر، لا يغني عنهم من الله شيئاً، وأنهم أمثالهم، وأن هذا الاعتقاد منهم فبهم شرك لا يتم الإيمان بما جاءت به الرسل إلا بتركه والتوبة منه، وإفراد التوحيد- اعتقاداً وعملاً - لله وحده وهذا واجب على العلماء. أي بيان أن ذلك الاعتقاد الذي تفرعت عنه النذور والنحائر والطواف بالقبور شرك محرم، وأنه عين ما كان يفعله المشركون لأصنامهم- فإذا أبان العلماء ذلك للائمة والملوك، وجب على الأئمة والملوك بعث دعاة إلى الناس يدعونهم إلى إخلاص التوحيد لله فمن رجع وأقر حقن عليه دمه وماله وذراريه، ومن أصر فقد أباح الله منه ما أباح لرسوله صلى الله عليه وسلم من المشركين "- وهكذا ينبغي أن يكون موقف الموحد من المشرك المقتصر على توحيد الربوبية كما كان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من المشركين.
هل يقع في الربوبية شرك؟
والشرك يقع في الربوبية على النحو التالي:
أن الرب هو الملك: وأصل الملك هو الربط والشد - واملاك المرأة ربطها بزوجها - والملك هو النافذ في ملكه. وليس كل مالك ينفذ أمره وتصرفه فيما يملكه فالملك أعم من المالك. والله تعالى المالك المطلق المالكية على المالكين [١٦] جميعاً، وسيادته وسلطانه عليه جميعاً. فمن يعتقد أن لمخلوق ما ملكاً وسيادة وسلطاناً على الإطلاق بالا حدود، فقد أشرك في الربوبية مع الله تعالى- لذا يقول سبحانه:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ}[١٧] ويقول: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا}[١٨] .