للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد هذا نقول: فإن أدب الشيخ المجذوب موجه ومقيد, وجماله في توجهه وتقيّده, موجه نحو الإسلام وبالإسلام, ومقيد بنظرته للحياة والكون والإنسان. ولأن يعيش الإنسان لخصائص الخير التي فيه, ولأن يستجيب للمعاني العلوية التي في فطرته, ولأن يلبي أشواق النفحة الربانية في روحه خيرٌ من أن يسقط في حفرة الطين, وأن ينقلب في الحمأ المسنون. وقد يكون من الغريب ومما يتنافى مع اتجاه أدباء هذا العصر - وخاصة كتاب القصة فيه - أن يتجه الأستاذ المجذوب إلى القصة الإسلامية التي يعتبر رائدها بلا منازع.., من الغريب في منطق أدباء اليوم أن يتجه الأستاذ إلى القصة الهادفة التي لا ينكر دورها بين وسائل التربية والتوجيه, في الوقت الذي يعكف فيه كتاب القصة على وثن الجنس, ويقصرون كل جهودهم لإثارة الغرائز الأرضية الدنيئة المستكنة في الجيل الساقط الذي يخاطبونه, ويستدرون بمثل ذلك الأدب الرخيص السحت الذي يقتاتون به, ولكن الأستاذ المجذوب نكب عن هذه الطريقة الشائنة واختط لنفسه طريقا رشدا آثر فيه الفضيلة على الرذيلة, وقدم فيه المال الحلال على المال الحرام, وفضّل أن يسلك طريق الحق, ولا يصده عنه قلة السالكين, وازور عن طريق الباطل دون أن تغريه كثرة الهالكين, وخاطب في الإنسان عنصر الخير والسمو في فطرته التي عملت قوى الشر مجتمعة على تلويثها, وإطفاء نورها وطمس معالم الحق فيها.