فأدب الأستاذ بجملته - وقصصه بالأخص- نوع من الأدب البنّاء والهادف, الذي يؤدي دوره في إنارة سبيل القارئ العربي في معترك الحياة في هذه الحقبة العصيبة من حياته. وقصص الأستاذ المجذوب كسائر أدبه تجمع عناصر الجمال التي نراها تنحصر في المعنى الجميل, والمبنى الجميل. ولعل آخر كتب الأستاذ وهو (قصص وعبر) بجمع بين هذين العنصرين على الوجه الأكمل بالنسبة إلى قصصه, وذلك لأن موضوع الكتاب هو القصص القرآني الذي يعتبر بدون ريب ذروة ما دون باللغة العربية من قصص, وهذا يضمن للكتاب جمال المعنى في أروع صوره, وأما أسلوب الكتاب فهو خلاصة وحصيلة نصف قرن تقريبا من الثروة الأدبية التي جمعها الأستاذ, وهذا يضمن له جمال المبنى.
وقد تناول الأستاذ في كتابه هذا جملة كبيرة من قصص القرآن الكريم, وعالجها على الشكل التالي:
أولا: عرض القصة القرآنية عرضا إجماليا يبرز أهم معالمها دون الخوض في التفاصيل والجزئيات.
ثالثا: تحليل لأسلوب النص القرآني, ونظرات في العبارات التي حملت تلك المعاني الكريمة.
وقد استفاد الأستاذ الكريم من القرآن العظيم كثيرا في لفظه ومعناه, وهو الذي لازم القرآن وعاش بأجوائه طيلة حياته. وأعانته ملازمة القرآن هذه على أن يغوص في أعماق القصة القرآنية ليستخرج درّاتها الغالية, وجواهرها الثمينة, وحكمها البالغة, كما أن ترطب لسانه المستمر بالقرآن صقل ذلك اللسان, وصبغه بصبغة القرآن, فجرى عليه البيان ينساب غضا طريا, وكذلك تدبر قلبه المستمر له جعل الحكمة تتفجر في جوانبه, والعبرة تسبق إلى فكره, والنور يشرق في بصيرته.