ومهما يكن من الأمر فقد كان من نتائج فتح خيبر القضاء على قوة يهود الحجاز الدينية والسياسية والإقتصادية، وأخذت شمسهم تميل إلى الغرب شيئا فشيئا؛ فقد ظل اليهود يعملون في الأرض على عهد رسول الله صلى الله عامه وسلم، فلما انتقل إلى الرفيق الأعلى أقرهم أبو بكر رضى الله عنه على ما أقرهم عليه رسول الله، وكذا فعل أمير المؤمنين عمر رضى الله عنه مدة من خلافته، ثم نقل إليه الثقاة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الذي توفي فيه:"لا يجتمعن بجزيرة العرب دينان".
فبعث عمر إلى اليهود يقول:"إن الله عزّ وجل قد أذن في إجلائكم؛ فقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجتمعن في جزيرة العرب دينان"؛ فمن كان عنده عهد من رسول الله صلى الله عامه وسلم من اليهود فليأتين أنفذه له، ومن لم يكن عنده عهد من رسول الله من اليهود فليتجهز للجلاء.
وقد أجلى عمر رضي الله عنه من ليس عنده عهد من الرسول عليه الصلاة والسلام من يهود خيبر وفدك، ولم يخرج أهل تيماء ووادي القرى؛ لأنهما من أرض الشام، وكان أمير المؤمنين يرى أن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز وما وراء ذلك الشام.
وقد ظل اليهود يكوّنون أغلب السكان في وادي القرى إلى القرن الحادي عشر الميلادي، وشوهدت طوائف منهم في نواحي تيماء في القرن الثالث عشر، ثم أخذ اليهود في كلتا البلدين يقلون تدريجيا، ثم اندمجت البقية الباقية منهم في محيط العرب ولم يبق لهم كيان خاص بهم هناك.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمع كلمة المسلمين على الخير، ويوفقهم إلى تطهير الوطن الإسلامي من رجس الصهيونية وحمايته من كيدها.. إنه سميع مجيب.. والحمد لله رب العالمين.. والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين..