إن من أخطر التحديات التي واجهت أمتنا العربية الإسلامية تلك المتابعة للفكر الغربي في مفاهيمه ونظمه السياسية والاجتماعية، التي أوقفت التشريع الإسلامي وألغت نظام التربية الإسلامية، وفتحت الطريق أمام مناهج التعليم المنقولة من الإرساليات والتبشير، القائمة في كثير من الأقطار على تمجيد الغرب ودينه ولغته وتاريخه، والتي كانت سببا في الدعوة إلى التخلي عن الدين والأخلاق والقيم؛ بحثا وراء منهج إقليمي يقيم الحواجز الحصينة بينه وبين الامتدادات العربية من ناحية والعالم الإسلامي من ناحية أخرى، والفكر الإسلامي بوصفه منهج حياة ونظام مجتمع من ناحية ثالثة، وكان من مؤيدي هذا الاتجاه والداعين إليه لفيف من الأدباء، ممن اشتروا الضلالة بالهدى وختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وأبصارهم غشاوة؛ مما جعل التيار الأدبي في الأمة العربية يسير على الوجه التالي:
١- فهم الأدب بمنطق الغرب؛ استمداداً من نظريات (ثين وبرونتير وسانت بيف) ، تلك التي تنظر إلى الإنسان على أنه مادة خالصة لا روح فيها، أو على أنه حيوان تطبق عليه تجربة الحيوان وغرائزه، وتفصل ما بينه وبين الروح، كذلك فإن هذه النظريات تحصره في إطار البيئة والعصر وحدهما دون أن تربطه بالعقيدة الممتدة على الزمن، والتي كان لها - وسيظل بمشيئة الله - أثرها البعيد في تشكيل الإنسان، وتصرفه وحركته وتفسير أهوائه وغاياته، كما اعتمدت أحكام الأدب والنقد على مفاهيم دارون وماركس وفريزر وفرويد، وهى في مجموعها مفاهيم ترد النتاج الأدبي إلى التفسير المادي للإنسان، وترجعه إلى حيوانيته سواء في الجنس أو في لقمة العيش، أو في التطور المطلق، أو في الجبرية؛ فتحول بينه وبين امتلاك الإرادة التي هي مصدر حركته ومصدر مسئوليته وجزائه عند الله.