وبديهي أن هذا الاتجاه الأدبي إنما يستهدف طعن الفطرة الإنسانية وتدمير العقيدة الإسلامية والأخلاق، ولا سيما عندما علت صيحة (في بعض البلاد) تنادى بفصل الأدب عن الفكر الإسلامي؛ ليكون حرا في الانطلاق نحو الأدب المكشوف، مما كان سببا في تكوين مذهب وأدب فتح طريق الشر للأجيال التي جاءت بعد ذلك، وكان من أهم الركائز التي أعانت دعاة الفكر الشيوعي والصهيوني التلمودي؛ لأن هذا الانحدار الأدبي كانت له أسوأ النتائج في كل الهزائم التي وقعت بالعرب المسلمين، وبه تمكنت الصهيونية من السيطرة على الأرض والفكر..
٢- كان من أكبر أهداف الأدب الحديث - الذي قام به كتاب ما بعد الحرب العالمية الأولى - هو الانقطاع عن الأدب العربي الذي يمتد عقده منذ ظهور الإسلام؛ ولذلك لم نر كاتبا واحدا من هؤلاء يصل نفسه بهذا الأدب، (ما عدا الرافعي؛ وكانوا يسمونه رجعيا) ، وكل ما عرضه هؤلاء الكتاب من الأدب العربي القديم إنما كان محاولة لتصوير الأدب بصورتين:
أ- صورة الشعر الهابط، ممثلا في أبي نواس وبشار ومجموعة الزنادقة الذين شغل بهم البعض، أو الشعر الجاهلي الوثني.
ب- أدب السجع والمحسنات اللفظية الذي لم يكن من الأدب العربي الأصيل، والذي جاء به الفرس والوثنيات القديمة.
وكانت النظرية الشائعة إبعاد (ابن تيمية وابن القيم الجوزية) - وكل هؤلاء وغيرهم - عن مجال الأدب، ووصفهم بأنهم فقهاء، وذلك حتى يتحرك الشباب المسلم في دائرة مغلقة.
ولقد ظل عمل هؤلاء مقطوع الصلة بالأدب العربي في امتداده يركز على المناهج الفرنسية أو المناهج الإنجليزية.
إن هناك مفازة واسعة وقف عندها هؤلاء الرواد ولم يجاوزها إلا بين حين وحين؛ عندما كتبوا عن المتنبي أو ابن الرومي، أما من حيت قيام دراسة متصلة شاملة تربط حلقات الأدب كلها فلم يكن هناك غير الأسلوب المدرسي الذي يقسم الأدب إلى عصور.