وفي الحديث عن أسرار الصلاة يعرب المؤلف عن تجربة من تجاربه الروحية، حيث يجد في الصلاة علاجا للشرايين المرهقة تحت أثقال التفكير، فبالوضوء تبرد حرارة الأعصاب، وبالصلاة تخفف من ضغط الإرهاق.. وكأنه بهذا يشير إلى قوله صلى الله عليه وسلم:"أرحنا بها يا بلال". وفي فصل آخر عنوانه:(جليس الله) يتناول بالبحث أثر البيئة في توجيه الأفراد حيث يقول: "فنحن نتأثر بالأستاذ والصديق والكتاب والجو والطعام والكساء ونوع الحياة، كل أولئك يترك في حياتنا انطباعاته العميقة، التي يتعذر علينا التحرر منها بغير الحصانة العقلية التي تحسن النقد.." وينتهي إلى المقارنة بين إنسان يألف جو المقاهي، وما فيها من لغو وعبث وفضول وثرثرة لا خير فيها سوى تبديد ساعات العمر.. وبين إنسان آخر أخذ نفسه بملازمة المساجد، فقلبه معلق بها، لا يطمئن إلا حين يعود إليها.. الأول يعيش حياته بروح (المقاهي) صلته بأهله وبالناس صورة مجسمة من صلته برفاق ذلك الجو العابث المحتال، والآخر إنسان يعامل أهله ومجتمعه بروح المسجد الذي عوده الهدوء والوقار وخفض الصوت واستحضار جلال الله من خلال كتابه أثناء مناجاته والرفق بإخوانه المصلي، واستشعار حقهم عليه وواجبة إزاءهم..ذلك أثر الاعتكاف الجزئي في حياة رواد المساجد لأداء الصلوات الخمس فكيف بآثار الاعتكاف الكلي الذي يستغرق الشهر كله أو ثلثه في مصاحبة الله:"إذا شئت أن أخاطب ربي صليت له، وإذا شئت أن يخاطبني قرأت كتابه".
وفي فصل (نماذج مشوهة) يبحث موضوع الصد عن سبيل الله من خلال آيات سورة هود تقارن بين فريقين: الكافرين الذين يصدون عن سبيل الله، والمؤمنين الذين عملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم "مثل الفريقين كالأعمى والأصم، والبصير والسميع، هل يستويان مثلا؟ . أفلا تذكرون؟ "وإليك بعض هذا الحوار البديع:
الشيخ: وقد رأيت ألوانا من هذا المنع في موقف قريش من دعوة محمد صلى الله عليه وسلم.