للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن فقد هذه المعاني يغلب عليه الجبن والخور ومداهنة الناس والتزلف، وإيثار رضاهم على رضى ربه وخالقه وولي نعمه، وقد كان علماء المسلمين سابقاً يتمتعون بالشجاعة وقول الحق ولو كان أمام السلطان الجائر، ويعتبرون ذلك نوعا من الجهاد في سبيل الله، والله المستعان!

ولعل الذي جعل الدكتور أحمد الشلبي يتهرب من القول (بأن القسم بغير الله شرك) كما تدل السنة الصحيحة الصريحة هو ظنه بأن المراد بالشرك هنا الشرك الأكبر الناقل عن الإسلام، والذي يرادف الكفر ... إن كان الحامل للدكتور هو هذا الظن!

فليعلم الدكتور أن الشرك ينقسم إلى قسمين إذا أطلق في لسان الشارع؛ يعرف ذلك بدراسة السنة دراسة فاحصة والفقه في الدين، "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين"، والفقه في الدين شيء وكثرة الإطلاع أو كثرة الحفظ شيء آخر، ورب قليل للحفظ وقليل الإطلاع يرزقه الله الفقه في الدين، وحقيقة الفقه (الفهم الصحيح في الإسلام، والتصور السليم لما جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام) :

١- القسم الأول: شرك أكبر يخرج صاحبه من دائرة الإسلام، وهو صرف نوع من أنواع العبادة لغير الله واتخاذ غيره نداً ومعبوداً معه؛ لأن ذلك يتنافى وكلمة التوحيد التي تحصر جميع العبادة لله وحده، وتحرم عبادة من سواه وما سواه؛ إذ معناها لا معبود بحق إلا الله؛ فمن عبد غير الله بالدعاء والاستغاثة والذبح والنذر والتوكل - وما في هذه الأشياء من أنواع العبادة كالركوع والسجود والطواف - فقد أشرك مع الله شركا لا يغفر إلا بالتوبة التي هي الإقلاع والندم والعزم على عدم العودة؛ {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} .

٢- القسم الثاني: الشرك الأصغر، ويسمى في اصطلاح السلف شركا دون شرك، كما يقال: كفرٌ دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق.