للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما نذكِّر مسبقا بأننا لا نعتبر عمل الصحابي الواحد حجة في الدين إذا انفرد به دون غيره من الصحابة، ولم يرد أنهم وافقوه قولا ولا عملا وما لم نعلم له مستندا من الكتاب أو السنة؛ ذلك لأن التشريع من حق الله ورسوله فقط ولا نصيب لأحد بعد الله ورسوله فيه، أما المجتهدون من العلماء فهم معرّضون لأن يصيبوا ولأن يخطئوا، وصوابهم أن يوافقوا حكم الله ورسوله بفهم مقتضى نص شرعي، وخطؤهم أن لا يوافقوا حكم الله ورسوله بأن لا يوفّقوا لفهم النص الشرعي الذي يريدون فهمه.

أما التخرص والاعتماد على واقع الناس، والاستدلال بما تفعله الجماهير فليس حجة في الدين عند أحد يعرف أن الإسلام هو دين الله الذي أنزله على رسوله ورضيه لهم منهجا في العبادات والمعاملات والأخلاق والآداب والسلوك؛ فأكمله وأتم به النعمة على المسلمين وبيّنه رسوله صلى الله عله وسلم لأمته أتم بيان، كان ذلك قبل أن يقبض الله رسوله صلى الله عليه وسلم إليه، فما من خير إلا دل عليه أمته وما من شر إلا نهانا عنه وحذرها من الوقوع فيه، خاصة ما يتعلق بتوحيد الله وحمايته من شوائب الشرك وسد الذرائع التي يخشى أن تتدرج بأمته إلى الوقوع فيما وقعت فيه الأمم السابقة، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته.

أما زعم الشيخ أن السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان إلا من داخل المسجد قديما وحديثا؛ فتعبيره بقديم وحديث يدل على أنه يستدل بالواقع، ويؤكد ذلك كون فضيلته لم يورد أي دليل شرعي على صحة ما ذهب إليه، وإنما استدل عليه بما ظن أنه عمل الناس، ثم إن زعمه ذلك قول بلا علم، ودعوى بلا بينة؛ إذ إن فضيلته لم يوجد إلا منذ خمسين سنة تقريبا، فكيف علم ما عليه الناس في هذا الأمر منذ ألف سنة؟.. لا يعلم ذلك، من عاش هذه القرون كلها.

إذاً كيف علم فضيلته أن السلام على رسول الله ما كان يوما من الأيام إلا من داخل المسجد؟