وإن كان فضيلته يرى أن هناك نوعين من السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحدهما عام في كل مكان؛ في الصلاة، وعند دخول المساجد، وعند ذكره عليه السلام، والآخر خاص بالمسجد النبوي، وأنه هو الذي يعنيه صلى الله عليه وسلم بقوله:"ما من أحد يسلم علي ... "الحديث؛ فليقدم لنا دليله على ذلك، وله منا الشكر، وليعلم فضيلته من جديد أننا لا نقبل من أحد أن يقول على الله ورسوله ودينه بلا علم ولا برهان؛ إذ يقول تعالى:{آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} ، {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} ، {إِنْ هِيَ إِلا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} ، ويقول النبي عليه الصلاة والسلام:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، ويقول:"من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"، ويقول عليه السلام:"عليكم بسنتي.." إلى قوله: "وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار".
الناحية الثالثة: وكيف علم الشيخ أن السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم - الذي يشير إليه قوله عليه السلام:"ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي فأرد عليه السلام" - كيف علم الشيخ - وفقه الله - أن هذا السلام ما كان يوما من الأيام إلا من داخل المسجد قبل وبعد إدخال الحجرة فيه؟.. ومن أين علم فضيلته أن المسلمين منذ ألف وأربعمائة سنة إلى يومنا هذا نزَّلوا هذا الحديث على السلام عند القبر في دون غيره؟.. وأنهم مجمعون على ذلك ولم يخالف منهم أحد؟.. وماذا يقول عن الصحابة الذين لم يرد أن أحدا منهم يسلم على النبي عند القبر ما عدا عبد الله بن عمر؟.