وقال فضيلة الشيخ حفظه الله ص ٥٧٧:"الثالثة: شد الرحال للزيارة فقط، وهذه الحالة الثالثة هي محل البحث عندهم ومثار النقاش السابق، قال ابن حجر في فتح الباري على حديث شد الرحال: قال الكرماني: "وقد وقع في هذه المسألة في عصرنا في البلاد الشامية مناظرات كثيرة وصنفت فيها المسائل من الطرفين".
قلت: إن ابن حجر يشير بذلك إلى ما رد به الشيخ تقي الدين السبكي وغيره على الشيخ تقي الدين ابن تيمية، وما انتصر به الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي وغبره لابن تيمية، وهي في مشهورة في بلادنا، وهذا يعطينا مدى الخلاف فيها وتاريخه.
وقد أشار ابن حجر إلى مجمل القول فيها بقوله: "إن الجمهور أجازوا بالإجماع شد الرحال لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن حديث "لا تشد الرحال.." إنما يقصد به خصوص الصلاة.. الخ".
مناقشة:
ومناقشتنا للشيخ هنا حول قول فضيلته: "وهذا يعطينا مدى الخلاف فيها وتاريخه"؛ إذ إن عبارته تلك تفيد أنه يرى أن مبدأ الخلاف في هذه المسألة كان على يد ابن تيمية، وكذلك ما نقله عن ابن حجر من قوله: إن الجمهور أجازوا بالإجماع.. الخ.
لهذا نسأل فضيلته فنقول: إذا كان مبدأ الخلاف في مسألة شد الرحال لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم على يد ابن تيمية ومن في زمنه، ومعلوم أن ابن تيمية عاش- رحمه الله- بين القرن السابع والثامن، فماذا كان عليه علماء الأمة الإسلامية قبل وجود ابن تيمية بخصوص هذه المسألة؟.. هل كانوا مجمعين على مشروعية شدّ الرحال لزيارة القبر الشريف، أو لزيارة النبي صلى الله عليه وسلم، كما هو تعبير فضيلته؟.. وهل إجماعهم على أن هذا العمل واجب أو على أنه مستحب أو على أنه مباح؟. إن كان الأمر كذلك ألا يكون ابن تيمية خارجا على إجماع الأمة هو ومن وافقه؟.