أم أنهم مجمعون على المنع؛ فيكون السبكى ومن وافقه خارجين على الإجماع؛ فيستحقون ما يستحقه من خرق الإجماع وخرج عليه؟.. لا ندرى أي ذلك يكون الجواب عليه بنعم، فأي من هذه الأسئلة أجاب عليه فضيلته بنعم؛ فهي ورطة لا يستطيع التخلص منها.
إن الخلاف قائم في هذه المسألة منذ تكلم فيها، وإن الكلام فيها والخلاف حولها حادث بعد القرون الثلاثة من هذه الأمة، أما زمن القرون الثلاثة فلم يوجد أحد يقول بجواز شد الرحال لزيارة قبر من القبور؛ فضلا عن الوجوب أو الاستحباب.
والذي أعتقده أن فضيلة الشيخ لا ينسب ولا يرضى أن ينسب إلى مثل شيخ الإسلام ابن تيمبة أنه يخرج على إجماع الأمة ويضرب به عرض الحائط، ويأتي بمذهب يخالفه.
وأنا أعجب كثيرا كيف فهم فضيلة الشيخ من عبارة ابن حجر وما نقله ابن حجر عن الكرماني؛ كيف فهم من ذلك أن مبدأ الخلاف في هذه المسألة كان على يد ابن تيميه؟.. أما أنا فأقول: هذا الفهم لا وجه له ولا مأخذ من كلام الرجلين، وإنما ذكرا أمرا وقع في ذلك الزمان دون أن يقولا فيه إنه مبدأ الخلاف في تلك القضية، وكيف يزعمان ما فهمه فضيلة الشيخ مع أن الخلاف فيها قد نشأ منذ وجد من يقول بجواز شد الرحال لزيارة قبور الأنبياء والصالحين، وممن نُقل عنه هذا القول الغزالي ومن لف لفه من المبتدعة، وممن نُقل عنهم القول بالمنع قبل ابن تيمية بمئات من السنين القاضي عياض، والقاضي حسين، وإسحاق ابن إسماعيل، وأبو محمد الجويني وغيرهم كما سيأتي إن شاء الله، فهل خفي ذلك على الكرماني وابن حجر؟.. أنا أقول: ليس في كلامهما ما يدل على أن ذلك خفي عليهما، ولكنه خفي على فضيلة الشيخ فليراجع مكتبته من الآن إن أحب أن يقف على الحقيقة، علما بأن الثلاثة المذكورين أعلاه كلهم من المالكية، وما ذهبوا إليه هو مذهب مالك نفسه في هذه المسألة.
تم قال فضيلة الشيخ - نقلا عن ابن حجر-:"إن الجمهور أجازوا بالإجماع شد الرحال.. الخ.."