كما ذهب البعض الآخر إلى عدم الفرق بين القريب والبعيد كما تقدم، ومعلوم أن هذا لا يدخل في مسألة شد الرحال.
وتقدم أن ذكرنا عددا من علماء الأمة الإسلامية قبل زمن ابن تيمية يحرمون شد الرحال لزيارة أي قبر من القبور، ويستدلون بحديث "لا تشد الرحال.." منهم القاضي عياض والقاضي حسين وأبو محمد الجويني وإسماعيل بن إسحاق، وهو مذهب الإمام مالك - رحمه الله- كما تقدم، بل ورد عنه قوله لما سئل عن نذر السفر الزيارة القبر الشريف: لا وفاء لنذر المعصية وهذا معصية؛ لأن الحديث يقول...وذكره.
ونعود الآن إلى الموضوع الذي بدأنا الكلام فيه، وهو إثبات كون مذهب ابن تيمية في هذه المسألة هو مذهب جمهور علماء زمانه فنقول:
إنه لما حصلت المناظرة بين ابن تيمية وبعض القضاة الرسميين في مسألة شد الرحال، واختلاف بعضهم معه فيها أثاروا الحكومة ضده، وأغروها به فسجن ظلماً بسببهم، - ودائماً العاجز عن إقامة الحجة يلجأ إلى قوة الحاكم؛ فيوهمه أن خصمه مجرم ينبغي التنكيل به وإهانته وإرغامه على الرجوع عن رأيه بالقوة - فلما سجن هبَّ العلماء من أقطار العالم الإسلامية يطالبون الحكومة بالإفراج عنه معلنين أمامها أن ما ذهب إليه هذا الرجل هو والحق والصواب، وهو الذي عليه أئمة الإسلام قديما وحديثاً.
انظر لذلك ما دونه الإمام الحافظ ابن عبد الهادي في كتابه العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام ابن تيمية، وانظر هناك كم كتاباً نقله عن علماء بغداد وحدها لتعرف صحة ما قررنا.
ملخصات لبعض خطاباتهم:
وأنا أورد هنا مقتطفات مما تضمنته خطاباتهم:
قال ابن عبد الهادي ص٣٤٢ من الكتاب المشار إليه - العنوان (انتصار علماء بغداد للشيخ في مسألة شد الرحال للقبور) - ثم قال: "وقد وصل ما أجاب به الشيخ في هذه المسألة إلى علماء بغداد؛ فقاموا في الانتصار له وكتبوا بموافقته، ورأيت خطوطهم بذلك وهذه صورة لما كتبوا: