فالرسول - صلوات الله وسلامه عليه - يبشرنا أن حقائق هذا الدين الحق ستظل أبدا مشمولة برعاية الله، الذي يقيض لحراستها مدى الدهر طائفة من خيرة عباده المميزين بالعلم والعدالة والشجاعة، التي تؤهلهم للشهادة على الناس، وتصحيح ما يتعرض له دينه من انحرافات على أيدي المفسدين من المضللين والمضلَّلين.. وهو نفسه المعنى الذي يحمله الحديث المتفق عليه الذي يقول:"لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك"[٢] .
وعن كلا الأثرين الشريفين تفصيل مجمل في قوله تعإلى:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ؛ ومعلوم أن من أهم صور الحفظ لكتاب الله تجرد فئة من المجاهدين في سبيله يحبسون وجودهم على حماية دين الله من تحريف الغالين، الذين لا يرتضون ما أنزل الله وبلغ رسوله، فيتصيدون له الزوائد من هنا وهناك، حتى تغيب حقائقه وراء حجب البدع، ومن انتحال المبطلين، الذين يشرعون لأتباعهم من الدين ما لم يأذن به الله؛ فما يزالون بهم حتى يخرجونهم من نور الحق إلى ظلمات الباطل، ومن تأويل الجاهلين، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
ذلك كله أول ما يواجه الناظر في خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حملة هذا العلم.. فهم ورثة السلف الصالح في الحفاظ على تراث النبوة صافيا لا تخالطه الشوائب، وهم حجة الله القائمة على عباده حتى يرث الله الأرض وما عليها.