للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِي شَيْئاً} .

أيها الأخ المسلم: إذا قلت لك: إن تشريع السماء صالح لكل زمان ومكان, أستطيع أن أقول لك: إن تشريع الأرض غير صالح لهما, ولذلك نراه دائما في تغيير أو تبديل, وما يشرع اليوم ينقض غدا, وما يصلح لهذه الجماعة لا يصلح للجماعة الأخرى, ولذلك نرى لكل طائفة من طوائف العالم تشريعها ودستورها الملائم لحال أهلها؛ لأن الشرائع تتطور بتطور الأمم, وتتغير بتغير أحوالها, فتوضع الشرائع الوضعية موافقة لحال العصر, الذي وضعت فيه, والبيئة التي سنت من أجلها, وكثير ما يظهر نقص التشريع, وتتكشف نواحي الضعف فيه, فيستنون شرائع أخرى, وهكذا دواليك, لا استقرار لتشريع وضعي مهما كان واضعوه؛ لأن العقل البشري مهما أوتي من قدرة على الفهم وتقدير الأوضاع, لا يسلم من الأخطاء, ولهذا لم يترك الله الناس لعقولهم, بل أرسل إليهم رسلا مبشرين ومنذرين, يرشدونهم إلى الحق, ويوجهونهم إلى صراط الله المستقيم, الذي قال فيه –سبحانه-: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} .

نعم, تشريع الله لا يتغير أبدا ولا يتبدل؛ لأن واضعه حكيم عليم بأحوال الأمم وأوضاعها, فوضع لها التشريع الذي يحمل في طياته سعادة البشرية جمعاء, مهما كانت أحوالها, ولهذا اعترف كثير من مستشرقي الغرب بدين الإسلام كسبيل إلى الإصلاح العام الشامل للفرد والمجموع, ودستورٌ ينقذ البشرية من دوافع الشر وعوامل الفساد, وها هو ذا رجل إنجليزي مستشرق يقول في إحدى المجلات الإنجليزية: "لو بعث محمد بن عبد الله يحمل كتابه في يديه لأمكن أن ينقذ سفينة العالم من الغرق", وسئل الكاتب الإنجليزي المعروف بأدبه وفلسفته (برنارد شو) : ما رأيك في الإسلام؟ قال: "الإسلام حسن, ولكن أين المسلمون!) .

للحديث بقية.

الجماهير: