ويوضح الذهبي في موقع آخر أن علم مصطلح الحديث اشتغل به كبار التابعين، يقول في علم الحديث ولا رأيت أهل الحديث فأوائلهم كان لهم شيخ عالي الإسناد بينه وبين الله تعالى واحد معصوم عن معصوم سيد البشر عن جبريل عن الله عزّ وجلّ، فطلبه مثل أبي بكر وعمر وابن مسعود وأبي هريرة الحافظ وابن عباس وسادة الناس طالت أعمارهم وعلا سندهم وانتصبوا للرواية الرفيعة، فحمل عنهم، مثل مسروق وابن المسيب والحسن البصري وعروة وأشباههم من أصحاب الحديث وأرباب الرواية والدراية والصدق والعبادة والإتقان والزهادة الذين من طلبتهم مثل الزهري وقتادة ... الخامس [٦٧] .
مراحل الدراية
تقدم أن السنة كانت محفوظة في صدور العدول الأمناء، لا يعرف مكانها دس أو تغيير، ومن ذلك فقد كانت من بعض الصحابة وكبار التابعين رحلات إلى بعض البلدان لطلب الخبر وسماعه ممن سمع أو انفرد برواية؛ ومضت المائة، فكل رواة السنة إما صحابي عدل ضابط وإما تابعي كبير ثقة يتحرى الصدق ويتشدد في الرواية، إلا ما كان من اليسير الذي يقع لبعضهم من الأوهام والأخطاء.
ومع ذلك فقد تكلم الرواة من الصحابة جماعة منهم، ونقدوا بعض ما روى عنهم، فتكلم ابن عباس وأنس بن مالك والسيدة عائشة، وتكلم من كبار التابعين الشعبي وابن المسيب وابن سيرين وغيرهم، وكان القول منهم في الرجل الواحد بعد الرجال لقلة الضعفاء ذلك العصر.