للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا استواؤه على العرش لا ينافي علمه بالأشياء وإحاطته بها، وأنه مع عباده ومع أهل طاعته، مع عباده بعمله واطلاعه سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} ؛ فهذا لا ينافي علوه واستواءه على عرشه؛ فهو معنا بعلمه واطلاعه، وهو فوق العرش سبحانه وتعالى كما يشاء، وكما أخبر جل وعلا، من غير تحريف ولا تكييف، وهو مع أوليائه وأهل طاعته بعلمه وتأييده أيضا وعنايته بهم، وكلاءته لهم ونصره إياهم، فهما معيّتان: معية عامه تقتضي العلم والإحاطة ورؤية العباد، وأنه لا تخفى عليه.

هل هو نبي رسول، أو نبي فقط، اختلفت الروايات في ذلك؛ فالمقصود أن آدم من جملة الأنبياء بلا شك وأنه على شريعة، وحديث جمع الناس يوم القيامة وتقدم المؤمنين إلى نوح وقولهم له: يا نوح أنت أول رسول أرسله الله إلى أهل الأرض، يحتج به على أن نوحا أول الرسل، وأن آدم نبي مكلم فقط، ولو صح أنه رسول فالمعنى أنه رسول إلى ذريته بخلاف نوح؛ فإنه أرسل إلى قومه وهم أهل الأرض ذلك الوقت، أما آدم فإنه أرسل بشريعة خاصة قبل وقوع الشرك، وأما نوح فقد أرسل إلى قومه وهم أهل الأرض جميعا من ذريته وغيرهم بعد وقوع الشرك في الأرض، وبذلك لا يبقى تعارض بين كون آدم رسولا - إن صح الحديث - وبين كون نوح هو أول رسول أرسل إلى أهل الأرض.

وهكذا القول في الأصل الخامس وهو الإيمان باليوم الآخر، نؤمن به إجمالا وتفصيلا؛ فنؤمن بما سمى الله من أمر الآخرة، كالجنة والنار والصراط والميزان وغير ذلك، وما سوى ذلك مما لم يرد في الآيات والأحاديث الصحيحة تفصيله؛ نؤمن به على سبيل الإجمال.