للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا القدر، وهو الأصل السادس، نؤمن به كما جاءت به النصوص، والإيمان به يشمل أربعة أشياء عند أهل السنة: وهي العلم بأن الله سبحانه وتعالى قد علم الأشياء كلها وأحصاها، وأنه لا تخفى عليه خافية جل وعلا؛ فهو سبحانه يعلم كل شيء كما قال عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} .

بهذا يرد على الجهمية والمعتزلة الذين أنكروا هذا العلم، ولهذا قال الشافعي - رحمه الله - في حقهم: "ناظروهم بالعلم؛ فإن أقروا به خصموا، وإن جحدوه كفروا"؛ لأن قولنا إن الله عالم بالأشياء هذا هو القدر؛ لأن الأشياء لا تخفى على الله، فمتى علم الله بالأشياء فمستحيل أن تقع على خلاف علمه؛ لأن وقوعها على خلاف علمه يكون جهلا، أما إن جحدوا ذلك، وقالوا: لا يعلم، فهذا كفر وضلال وتكذيب لله سبحانه وتعالى ووصف له وهذا تنقص عظيم يوجب كفر من قاله.

(الأمر الثاني) : الكتابة، وهو أن الله سبحانه قد كتب الأشياء كما قال عز وجل: {وما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير} ، وقال سبحانه: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} ؛ فالمقصود أنه كتب الأشياء جل وعلا، وهكذا حديث عبد الله بن عمر: "إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء". أخرجه مسلم في صحيحه.

فكتابة الأشياء التي أوجدها سبحانه أو سيوجدها أمر معلوم جاءت به النصوص من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام؛ فعلينا أن نؤمن بذلك وأن الله كتب الأشياء كلها وعلمها وأحصاها؛ لا تخفى عليه خافية، وهو سبحانه بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير سبحانه وتعالى.