(الثالث) : مشيئته النافذة، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه لا يكون شيء في ملكه دون مشيئته جلّ وعلا، بل ما شاء الله كان وما لم يشأ الناس لم يكن وإن شاء الناس؛ فلا بد إذا من الإيمان بهذه المشيئة؛ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، قال عز وجل:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، وقال سبحانه:{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ، وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} ؛ فالمقصود أنه سبحانه له المشيئة الكاملة النافذة؛ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} سبحانه وتعالى.
(الأمر الرابع) : قدرته على الأشياء، وخلقه وإيجاده لها، وأن نؤمن بأنه سبحانه على كل شيء قدير، وأنه الخلاق العليم، وأن جميع الأشياء الموجودة هو الذي خلقها وأوجدها، وهكذا في المستقبل، لا أحد يشاركه في ذلك، بل هو الخلاق والرزاق، وهو على كل شيء قدير وبكل شئ عليم، كما قال سبحانه:{اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} .
فالإيمان بالقدر يشمل هذا كله، يشمل علمه بالأشياء، ويشمل إيماننا بعلمه بالأشياء وكتابته لها، وأيضا بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وإيماننا أيضا بأنه الخلاق لكل شئ، وأن جميع الأشياء هو خالقها وموجدها سبحانه وتعالى.
وفي هذا ردّ على من قال خلاف ذلك من المعتزلة وغيرهم؛ فإن من أنكر مشيئة الله، وقال إنه يوجد في ملكه ما لا يريد فهو مكذّب لله عز وجل، منتقص له سبحانه وتعالى؛ فلا بد من الإيمان بأنه على كل شئ قدير، وأن ما شاءه كان، وما أراده بإرادته الكونية كان.