كما أنه تعالى يلفت الناس إلى التدبر في آيات خلقه - جلّ وعلا - في الآفاق وفي أنفسهم؛ حتى تهتدي نفوسهم إلى أن الله عز وجل هو الحق الشهيد على كل شئ، المحيط بكل شئ؛ فيقول سبحانه وتعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ} -الشورى -.
ويلفتهم تعالى مرة أخرى إلى آياته في الأرض وفي أنفسهم، وإلى رزقهم المضمون في السماء في قوله تعالى:{وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} - الذاريات -.
ولكن هؤلاء الجاحدين الطبيعيين لم يلتفتوا إلى ما لفتهم الله إليه، والتفتوا للشيطان الذي سول لهم وأملى لهم، وسألهم الخالق تعالى سؤال توبيخ واستنكار في قوله تعالى:{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} ؟ - النحل -.
وكيف يمكن لأحد من الخلق أن يخلق مخلوقا وينفخ فيه الروح؟ وسرّ الحياة لا يملكه واحد منهم إنما يملكه مالك الملك سبحانه؛ {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً} - الإسراء -.
وأما الجواب الثاني - وهو أن الطبيعة هي خصائص المخلوقات وصفاتها - فهو قول فاسد كذلك؛ لأنه قول لم يتجاوز وصف ظواهر تلك الخصائص والصفات دون بيان لحقيقتها.