تم أننا لو نظرنا إلى الثمار التي تخرج من الحب لوجدناها مختلفة الألوان والأشكال والطعوم.. مع أن الحبوب توضع في تربة واحدة وتسقى بماء واحد! فمن الذي غاير ألوانها وأشكالها وطعومها.. مع وحدة الأتربة والماء؟، هل الحبوب نفسها التي غايرت؟ إنها لا عقل لها ولا إدراك!، أو هل خصائصها وصفاتها هي التي غايرت؟ إن الخصائص والصفات مخلوقة حادثة وليست خالقة محدثة؛ فيستحيل أن يسند لها فعل التغاير؛ لأن المخلوق لا يملك أن يخلق.
وقد حسم ربنا الخلاّق العليم هذا الأمر كذلك في قوله:{وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ؛ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} - الرعد -.
إن فريقا من الطبيعيين نظروا إلى خصائص وصفات المخلوقات وسمّوها الطبيعة، ونسبوا إليها خلق المخلوقات وما يصدر عنها من أفعال، ولا يشك عاقل في أن هؤلاء الملاحدة تلعب بعقولهم الشياطين، ويقذفون من كل جانب دحورا ولهم عذاب واصب، فما للطبيعة الصماء، العمياء، البكماء، وللخلق السميع المعبر الذي لا يمكن أن يخلقه إلا رب سميع بصير، متكلم، عليم، حكيم، خبير متفرد بجميع صفات العظمة والجلال والكمال؟!
إن كل ما في هذا الكون من خلق رب العالمين؛ فهل استطاع أولئك الضائعون أن يحددوا صراحة أي مخلوق خلقه مخلوق؟ {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} - لقمان -.