وأن الذكر سدّ بين العبد وبين جهنم فإذا كانت له إلى جهنم طريق عمل من الأعمال كان الذكر سداً في تلك الطريق، وأن الملائكة تستغفر للذاكر كما تستغفر للتائب وأن الجبال والقفار تتباهى وتستبشر بمن يذكر الله عز وجل عليها وأن كثرة ذكر الله عز وجل أمان من النفاق فإن المنافقين قليلوا الذكر لله عز وجل قال تبارك وتعالى في وصف المنافقين:{وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} وإن للذكر من بين الأعمال لذة لا يشبهها شيء فلو لم يكن للعبد من ثوابه إلا اللذة الحاصلة للذاكر لكفاه، وأنه يكسو الوجه نضرة في الدنيا ونوراً في الآخرة، وأن في دوام الذكر في الطريق والبيت والحضر والسفر والبقاع تكثيراً لشهود العبد يوم القيامة فإن البقعة والدار والجبل والأرض تشهد للذاكر يوم القيامة، وأن الذكر يعطي الذاكر قوة حتى أنه ليفعل مع الذكر ما لم يظن فعله بدونه، وإن ذكر الله عز وجل من أكبر العون على طاعته، فإنه يحببها إلى العبد، ويسهلها عليه ويلذذها، ويجعل قرة عينه فيها ونعيمه وسروره بها بحيث لا يجد لها من الكلفة والمشقة والثقل ما يجد الغافل، وأن دور الجنة تبني بالذكر، فإذا أمسك الذاكر عن الذكر أمسكت الملائكة عن البناء، وغراس بساتينها بالذكر أيضاً وأن الإشتغال بالذكر اشتغالاً عن الكلام الباطل من الغيبة والنميمة واللغو ومدح الناس وذمهم وغير ذلك فإن اللسان لا يسكت البتة: فأما لسان ذاكر، وأما لسان لاغ ولا بد من أحدهما في النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وهو القلب إن لم تسكته محبة الله عز وجل سكتته محبة المخلوقين ولا بد وهو اللسان إن لم تشغله بالذكر شغلك باللغو وما هو عليك ولا بد [١٢] .