فلا غرو إن رغب الإسلام فيه، وحض عليه فنجد كثيراً من الآيات القرآنية تذكره داعية إليه مثربة عدم الإهنداء إليه والإستعانة به {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[٢٢] ، {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ}[٢٣] ، {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ}[٢٤] ... الخ.
كما نجد كثيراً من الأحاديث النبوية تذكر فضله، "لا لعبادة كالتفكير ""تفكر ساعة خير من عبادة سنة " ومما أمره الله به عليه الصلاة والسلام أن يكون صمته فكراً، ونظره عبرة.
والتفكير في خلق الله تعالى سنة الأنبياء والمرسلين. قال عليه الصلاة والسلام:"لا تفضلوني على يونس بن مَتَّى فإنه كان يرفع له في كل يوم مثل عمل أهل الأرض " قال العلماء: إنما كان ذلك التفكُّر في أمر الله الذي هو عمل القلب، لأن أحداً لا يقدر أن يعمل بجوارحه في اليوم مثل عمل أهل الأرض..
كما أن التفكر هو ديدن السلف الصالح، روى ابن القاسم عن مالك قال:"قيل لأم الدرداء: ما كان أكثر شأن أبي الدرداء؟ قالت: كان أكثر شأنه التفكر ". قيل له: أفَترى التفكر عمل من الأعمال؟ قال: نعم هو اليقين "، وقيل لابن المسيب في الصلاة بين الظهر والعصر، قال:"ليست هذه بعبادة إنما العبادة الورع عما حرم الله والتفكر في أمر الله "..
وقد اختلف العلماء في العملين أفضل: التفكر أو صلاة النفل؟ بعضهم يرى التفكر أفضل، لأنه يثمر المعرفة، وهو أفضل المقامات الشرعية وبعضهم يرى الصلاة أفضل، لما ورد في الحديث من الحث عليها والدعاء إليها والترغيب فيها، ونجد القرطبي في تفسيره يرى السنة التي يعتمد عليها الجمع بين التفكر والصلاة كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام عندما يستيقظ من نومه فإنه يقرأ أواخر سورة آل عمران الدالة على التفكر، ثم يتوضأ ويصلي فجمع بين التفكر والصلاة.