والتفكر المقصود هو التفكر في خلق الله، وما حواه كونه من آيات باهرات وشواهد ناطقات بوجوده ووحدانيته وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد. لا التفكر في ذاته العلية، فإن ذلك مظنة الزيغ والهلاك لهذا نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فقال:" تفكروا في خلقه، ولا تفكروا في ذاته فتهلكوا ".
وليس المراد أن يظل الإنسان طيلة يومه ناظراً في السماء محدقاً في الأجواء، منقطعاً عن أعماله مقصراً في واجباته فإنه ليجد من الفطرة السليمة أو السنة القويمة، ولا من عمل السلف الصالح الذين يقتدى بهم ويعتمد عليهم ويؤخذ عنهم..
ضروب من الذكر:
من ضروب الذكر أن تذكر نعم الله وأفضاله وآلاءه، فيحملك ذلك على شكره والثناء عليه، فذكر النعمة هو في الواقع ذكر لمن أسداها، وتفضل بها، وهذا مما يحمل الإنسان على أن يسخر النعمة في طاعة ربه ومرضاته فذلك أليق بها، وأبقى لها، وأدى لزيادتها كما قال تعالى:{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} .
وقد امتن الله عز وجل بالنعم التي أسبغها على عباده وذلك ليوحدوه ويعبدوه، ولا يشركوا به، ولا يلتفتوا لغيره ولا يجوز في ميزان العقل أن يخلق ويعبد غيره، ويرزق ويشكر دونه فمن الولاء والوفاء أن نذكر آلاءه التي لا تعد ونعماءه التي لا تحصى والتي نشاهدها في كل لحظة عن أيماننا وشمائلنا ومن خلفنا وأمامنا.. ظاهرة وباطنة.. يقول سبحانه وتعالى:{وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ}[٢٥] ويقول عز وجل: