يستفاد مما ذكر: أن العدد - خمس، أو عشر - لا مفهوم له، وأن خصال الفطرة كثيرة، وليست محصورة في الخمس المذكورة في حديث أبي هريرة، أو العشر المذكورة في حديث عائشة؛ فقد وجدنا ثلاث خصال أخرى في حديث عمار والأثر الوارد عن ابن عباس كما وجدنا رابعة فيما أخرجه أبو عوانة في مستخرجه.
وبذلك تبلغ هذه الخصال خمس عشرة خصلة [٤٢] .
وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي:"إن خصال الفطرة تبلغ ثلاثين خصلة ". ثم تعقبه ابن حجر بقوله:"إن أراد خصوص ما ورد بلفظ الفطرة فليس كذلك، وإن أراد أعم من ذلك فلا ينحصر في الثلاثين بل تزيد كثيراً ". فقد أخرج الترمذي من حديث أبي أيوب رفعه " أربع من سنن المرسلين: الحياء والتعطر والسواك والنكاح ". وقد اختلف في ضبط "الحياء " فقيل هي بفتح المهملة وفتح التحتانية وقد ثبت في الصحيحين "الحياء من الإيمان " وقيل هي بكسر المهملة وتشديد النون "الحِنَّاء"فعلى الأول: خصلة معنوية تتعلق بتحسين الخلق. وعلى الثاني: خصلة حسية تتعلق بتحسين البدن. وأخرج البزار والبغوي في معجم الصحابة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق فليح بن عبد الله الخطمي عن أبيه عن جده رفعه " خمس من سنن المرسلين "فذكر الأربعة إلا النكاح وزاد: "الحلم والحجامة " وهكذا [٤٣] ..
وأما قول مسلم في حديث أبي هريرة عن طريق يونس بن يزيد عن الزهري. "الفطرة خمس"، وكذلك رواية النسائي من طريق سفيان:"الفطرة خمس"؛ فإن سفيان قد رواه على الشك كما هو عند مسلم من طريقه أيضاً:"الفطرة خمس أو خمس من الفطرة"؛ فإما أن يكون الشك منه أو ممن فوقه أو من الرواة عنه [٤٤] .
وقد وقع في رواية أحمد:"خمس من الفطرة "ولم يشك. وكذا في رواية معمر عن الزهري عند الترمذي والنسائي [٤٥] . وقد قال ابن دقيق العيد: دلالة مِن على التبعيض: فيه أظهر من دلالة هذه الرواية على الحصر [٤٦] .