وقد أجاب العلماء عن هذا الإختلاف الواقع في ذكر عدد خصال الفطرة في الأحاديث السابقة بأجوبة كثيرة من أهمها ما يلي:
الأول:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أفرد ذكر الخمس الواردة في حديث أبي هريرة لبيان شدة الحاجة إليها وأنها أهم من غيرها ويؤكد ذلك حديث ابن عمر عند النسائي:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الفطرة: "قص الأظفار وأخذ الشارب وحلق العانة "فاقتصر فيه على ثلاث خصال وقد رواه البخاري بلفظ: " من الفطرة: حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب " [٤٧] فهو من باب قوله صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة " و"الحج عرفة" وهو كثير [٤٨] .
الثاني:
أن يكون قد أعلمه الله تعالى ببعض الخصال فأخبر بها ثم أعلمه بعد ذلك بالزيادة الواردة في الأحاديث الأخرى على تقدير صحتها [٤٩] .
ثالثاً: عبارة "سنن الفطرة " بين الوضع اللغوي والإصطلاح الشرعي:
السنن: جمع سُنّة تطلق في الأصل على عدة معان من بينها ما يلي:
١- إنها تطلق على الوجه لصقالته وملاسته: تقول وجه مسنون؛ أي مخروط أسيل كأن قد سنّ اللحم عنه. ومن هذا ما حكاه صاحب الفائق في غريب الحديث؛ "أن النبي صلى الله عليه وسلم حصّه على الصدقة فقام رجل قبيح السُّنَة صغير القِمّة يقود ناقة حسناء جملاء فقال "هذه صدقة"[٥٠] .
٢- ومنها: أن السنة تطلق على الطريقة والسيرة حسنة كانت أو سيّئة, ومنه ما جاء في الحديث المشهور:"من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة "[٥١] وفي مجمع الزوائد: عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من سنّ سنة حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى تترك. ومن سنّ سنة سيئة فعليها إثمها حتى تترك.. الحديث "رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثوقون [٥٢] .