للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان صلى الله عليه وسلم مثلاً أعلى في الشجاعة، قد تجلت شجاعته في الناحيتين المعنوية والحسية على السواء، ولكي ندرك مبلغ شجاعته المعنوية نتذكر أنه قد وقف بدعوته الربانية في وجه العالم، إذ كان العالم قد انصرف كله عن طريق الله وغرق في بحر من المعاصي والآثام والشرك، فثبت على دعوته يحتمل في سبيلها أشد ألوان الأذى والبلاء. وقد حاولت قريش معه مختلف الوسائل حتى الإغراء بالملك والمال فلم يزدد إلا ثباتاً وتصميماً، حتى كتب الله له الفلاح، وأظهر دينه على الدين كله.. أما شجاعته الحسية فلا مثيل لها في ما عرف في تاريخ الناس، يستوي في ذلك عهده السابق للبعثة وعهده النبوي.. وقد تجلت شجاعته لعهده الأول في جهره بالكره لآلهة قريش على ملأ من عُبَّادها إذ أقسم بأنه لا يبغض شيئاً بغضه لها. وذات مرة خرج في قافلة بعض أعمامه إلى اليمن وكان في سن الحداثة. وفي أحد الأودية واجههم فحل من الإبل مستوحش جامح فلم يجرؤ على الدنو منه أحد سواه فتغلب عليه وكبح جماحه.. أما شجاعته بعد البعثة فعجب من العجب لقد ثبت يوم حنين في وجه الآلات من هوازن. بعد أن تفرق عنه الناس خوفاً من الكمين المفاجئ وهو يهتف بالأعداء:"أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب "وحسبنا في ذلك ما روى عن علي رضي الله عنه:"إنا كنا إذا حمى البأس واحمرَّت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم، فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه "وطبيعي أن يكون ذلك منه صلى الله عليه وسلم تعبيراً عن ثقته التامة بربه وتحقيقاً للتوجيه الآلهي الحكيم في قوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} .

لمحة عن وفائه: