وصف الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم فقال:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} وأنه {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} فكان صلى الله عليه وسلم يقول:" ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "، "لا تنزع الرحمة إلا من شقي "وقد وصف نفسه فقال صلى الله عليه وسلم:"إنما أنا رحمة مهداة " وقد تجلت هذه الميزة في أفعاله صلى الله عليه وسلم جميعاً لم يعامل بها أصحابه وأقرباءه وحدهم، بل شمل بها الصديق والعدو والحيوان والإنسان، وهو بذلك يخالف عادة العرب الذين نشأ فيهم وعاصروه، إذ كانت الجفوة والقسوة أبرز أخلاقهم حتى إن أحدهم رأى ذات مرة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الحسين فاستغرب ذلك وقال: إن لي عشرة أولاد ما قبلت أحداً منهم. وقال له أعرابي آخر أتقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم فقال صلى الله عليه وسلم:"أَو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة " ورأى صلى الله عليه وسلم مرة حُمَّرةً ترفرف.. فقال:" من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها ".
ومن رأفته بالحيوان قوله صلى الله عليه وسلم:"دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض " وسئل مرة يا رسول الله: وإن لنا في البهائم لأجراً؟ فقال:"في كل كبد رطبة أجر "..
وقد كان صلى الله عليه وسلم شديد الحفاوة بالمساكين ومن قوله فيهم:"ابغوني ضعفاءكم فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم ". ولذلك أحبه الضعفاء والأرقاء حباً عجيباً، حتى أن مملوكه زيد بن حارثة آثره على والده، وقد روى عن أنس رضي الله عنه أنه قال:"خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أفٍ قط ".