وسئل مرة أن يلعن أعداءه فقال:" ما جئت لَعَّاناً بل رحمة " وقد أصيب أعداؤه في مكة بعض السنين بضيق وجدب فأرسل إليهم بمعونة كريمة، وهم الذين أخرجوه وآذوه وعذبوا أصحابه، وما كانوا ليدخَّروا وسعاً في سبيل إيذائه.. وبعد فهذه أمثلة يسيرة من أخلاق سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.
وهي قطرات من بحر لا سبيل إلى استيعابه في صفحات قليلة.. وهى على غرابتها بالنسبة إلى المألوف، لا تُستغرب من إنسان اصطفاه الله ليكون رحمة للعالمين، وأسوة للمتقين، والأنموذج الأمثل للعبد الرباني الذي يمثل بسلوكه الأعلى أخلاق القرآن العظيم.
ونحن حين نعرض هذه الأمثلة من أخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم لا ننسى أن أول واجباتنا نحوها هو التقرب منها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، واتخاذها القدوة المثلى لسلوكنا أفراداً وجماعات، في وقت أصبحت الأخلاق الفاضلة فيه غريبة مستغربة، وبذلك نعيد لمجتمع الإسلامي ميزاته الفضلى وصفاته المثلى، التي بها جعل الله المسلمين الأولين {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ..} ويومئذ نكون قد حققنا في أنفسنا ما أحبه الله لنا، وما دعانا لتطبيقه في قوله الخالد:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} ٣٣، ٢١.