للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبعد أن سبر غور القوم. حلل نفسياتهم، وعرف مركب طباعهم، وأيقن أنهم لا يؤمنون، بناء على وحي الله تعالى له بذلك: {أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ} .. وعلى ما شاهده من حال أجيالهم المتلاحقة وهم يتواصون بالكفر به وبتكذيبه في دعوته. دعا عليهم قائلا ً: {رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِراً كَفَّاراً} . ولم يكن هذا عن قلة صبر منه عليه السلام، وإنما كان خوفاً منه على الجماعة المؤمنة أن يفتنها أولئك الكفار الفجار فيحولوها عن معتقداتها، ويضلوها عن سبيل ربها {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} فلذا دعا ربه بهلاك الكافرين وتدميرهم قطعاً لدابر الكفر والكافرين وإنهاء لفتنة الشرك في الأرض والمشركين.

٢- صدق لهجته:

وعن صدق لهجته نقول: إنه كان عليه السلام صادق اللهجة، واضح البيان وافي النصيحة، ظهر ذلك من أقواله وهو يخاطب قومه في شتى المواقف، والعديد من المجالات. فلنستمع إليه وهو يخاطب قومه آمراً إياهم بعبادة الله وحده، إذ لا إله لهم غيره، معللا ً لهم أمره بعبادة الله وحده بخوفه عليهم عذاب يوم عظيم. فيقول: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} .