للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولاق ى في ذلك من الأذى ما لم يلقه كثير من الداعين إلى الله تعالى، فقد كذبه قومه ووصفوه بالجنون، ووصفوا اتباعه من المؤمنين با لإ سترذال، ولم يعترفوا لهم بأي فضل عليهم. فقالوا: {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا [٢] بَادِيَ الرَّأْيِ [٣] وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} . ولم يقفوا عند حد التكذيب والعيب بل تجاوزه إلى التهديد بالموت، فقالوا: {لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} والرجم عندهم بالحجارة وسيلة من وسائل الإعدام، كرجم الزناة المحصنين في الإسلام.

ولما أنذرهم عاقبة شركهم وتكذيبهم وإجرامهم، وخوفهم بعذاب الله تعالى سخروا منه، وطالبوه بالعذاب متحديين له في ذلك. فقالوا: {يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} .

قضى نوح عليه السلام في دعوته دهراً طويلا ً فلم يكل خلاله ولم يمل حتى أوفى على تسعمائة وخمسين عاما ً. وبعدها رفع شكواه إلى ربه عز وجل فقال: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . وقال: {أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} .