وقوة الشجاعة، وعظم الوثوق في الله والتوكل عليه من أخص صفات الدعاة الصالحين وبدونهما لا يقوى الداعي على تحمل رسالة الدعوة إلى الله تعالى، وإبلاغها إلى الناس.
٥ - صدق لجئه إلى ربه:
وعن صدق نوح في لجئه إلى ربه تعالى نقو ل: إن نوحا ً عليه السلام ك ان صادق اللجئ إلى الله تعالى منيبا ً إلى ربه مسلما ً إليه متوكلا ً في كل شأنه عليه يظهر بوضوح في مثل قوله: {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ} . وفي قوله وقد ازدجره قومه بعد صراع مرير تجاوزت مدته مئات السنين:{أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} . قال تعالى في الإخبار عن حاله مع قومه في تكذيبهم له، وزجرهم إياه:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} أن انتصر يا ربي، فانتصر الله تعالى له فأنجاه وأغرق أعداءه ولما هدده قومه توعدوه، وقالوا:{لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ} لجأ في صدق إلى ربه يطلب نصرته وأن يخلصه من قومه العتاة الطغاة الفاسقين فقال: {رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . كما قال تعالى عنه:{وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} .