للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا هو إبراهيم في نسبه اسما ً وكنية. أما إبراهيم في كمالاته النفسية، فإنه أمة كاملة، وليس فردا ً واحداً. كما قال عنه ربه تعالى في كتابه الكريم القرآن العظيم {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ شَاكِراً لَأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} .

وذلك لما جمع الله تعالى فيه الكمالات البشرية التي لا يجمع إلا في الأمة من الناس (العدد الكثير) فقد طفحت حياة الخليل بصنوف الإبتلاءات، وضروب البطولات ما أصبح به مثالا ً صالحا ً، وأسوة حسنة لكل راغب في الكمال البشري يفوز به بين العالمين. هذا وإن المرء ليحار عندما يريد أن يستعرض حياة كريمة شريفة، نادرة في خصائصها فذة في نعومتها وشمائلها كحياة إبراهيم الخليل، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم، إذ تزدحم أمامه جحافل الكمالات الإبراهيمية فلا يدري ماذا يستعرض منها، وقد تشاكلت في الحسن، وتسامت في الجلال والجمال، وهذه كواكبها في سماء الحياة الإبراهيمية أنها: الدعوة، والحجة، والبلوى، والهجرة، والخلة، والقدرة، والرحمة والأمة وزاد في إشراق هذه الكواكب أن الأرض يومها كانت مقفرة من الحق والخير، مظلمة لا ضوء فيها ولا نور. ساد فيها الظلم وتحكمت في أهلها الأوثان. وانحرفت فيها الفطر البشرية، وتحجرت منها العقول الآدمية، فعبد الناس الأصنام وخنعوا للظلم واستكانوا للطغيان. والآن قد أظلمت سماء الحياة البشرية، وتغشت أرضها، وحل بها ما كان بأرض بابل والكلدانيين من سائر أنواع الكفر والظلم والشر والفساد والطغيان.

فهل لنا أن نستعير لها من كواكب الحياة الإبراهيمية ما تستنير به وتشرق من جديد. ولم لا..؟ وما المانع لنا..؟