وعليه فبسم الله، وعلى بركته نستعرض تلك الصفات الثمانية التي عددناها كواكب زهرا ً في حياة إبراهيم الخليل، صفة بعد أخرى، وما منها إلا وتمثل جانبا ً هاما ً من حياة إبراهيم المفعمة بجلائل الأعمال وعظائم مثل الكمال، فلنستعرضها ع َ لنا ًَ نكتسب من أبي الأنبياء وإمام الموحدين إبراهيم الخليل ما يساعدنا على النهوض بأعباء ما أنيط بنا - بوصفنا مسلمين - من واجب الدعوة إلى الله تعالى ليعبد وحده بما شرع أن يعبد به فيكمل بذلك العابدون في دنياهم ويسعدوا في أخراهم.
١- إبراهيم الدعوة:
عند التأمل لا يرى أن هناك مبالغة في نسبة إبراهيم إلى الدعوة وإضافته إليه في قولنا إبراهيم الدعوة أو في كل ما ننسبه إليه من صفاته الكمالية التي امتاز عليه السلام، وذلك لأن إبراهيم عليه السلام غلبت عليه صفات فأصبحت كل صفة تمثل شخصية مستقلة، وذاتا ً متميزة فإبراهيم يمثلها وهي تمثله فقولك دعوة إبراهيم، كقولك إبراهيم الدعوة، سواء بسواء. فعن إبراهيم الدعوة نقول: إن إبراهيم عليه السلام قد أضطلع بأمر الدعوة إلى الله تعالى في سن مبكرة جدا ً ولعل في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ} دلالة واضحة على أنه ابتدأ الدعوة إلى الله في حداثة سنه. ويرجع هذا أيضاً أنه بدأ بدعوته أباه قبل قومه وذلك لكونه في حجره وكفالته.