وعن إبراهيم الحجة نقول: لقد أخبر الرب تبارك وتعالى أنه آتى خليله إبراهيم حجته التي تفوق كل حجة، وتعظم سائر الحجج، إنها حجة خالق العقول والحجى يمنحها من يشاء وقد وهبها إبراهيم ليتغلب بها على من يحاجه، ويريد أن يحجه، قال تعالى:{وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} .
ولما كانت قوة الحجة من أسباب النصر على الخصوم، وكان الداعية المسلم يعتمد على قوة الحجة في دعوته لأن ذلك من أسباب نجاحها فإنا نستعرض هنا موقفين عظيمين لإبراهيم عليه السلام قارع فيهما الحجة وانتصر فيهما على خصوم التوحيد من قومه، ليشاهد من خلال الإ ستعراض كيف كان الخليل عليه السلام يرد حجج المبطلين، وينتصر على الظالمين والمشركين بما آتاه الله من العلم والحكمة وقوة الحجة لعل من يقتدي به عليه السلام في أساليب دعوته وكيفية استخدام حجة ربه ليظهر على خصومه وينتصر على أعداء دعوته.
- الموقف الأول:
كان له مع الطاغية النمرود البابلي الذي ادعى الربوبية أول من ادعاها من الخلق. وقد عرض هذا الموقف القرآن الكريم عرضاً موجزاً في عدة جمل لا تتجاوز العشر حيث قال تعالى من سورة البقرة:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .