وفي هذا تقول آثار: إن كافرا ً استقرى إبراهيم يوما ً فسأله طعاماً فقال له:" إن تؤمن بربي أطعمتك؟ فقال الكافر: لا أترك ديني من أجل لقمة طعامك وانصرف، فأوحى الله تبارك وتعالى إلى إبراهيم: عبدي أطعمه منذ سبعين سنة وهو كافر بي ولم أمنعه الطعام لكفره، وأنت استطعمك يوما ً فاشترطت عليه أن يترك دينه الذي هو عليه منذ سبعين. فلحقه إبراهيم وا عتذر إليه وأطعمه فقال له الكافر: ما بدا لك يا إبراهيم؟ قال: لقد أوحى الله إلي بكذا وكذا.. فقال الكافر: أو قد وقع هذا، مثل هذا ينبغي أن يؤمن به ويعبد فأسلم الكافر ".
وتقول الآثار:" إن جبريل وميكائيل وإسرافيل لما نزلوا ضيفا ً على إبراهيم وهم في طريقهم إلى قرى لوط، وقدم لهم الطعام وامتنعوا أن يأكلوا. فقال لهم: ألا تأكلون؟ فقالوا: إنا نأكل طعاما ً إلا بحقه فقال: كلوا بحقه قالوا: وما حقه؟ قال: إن تسموا الله في أوله وتحمدوا لله في آخره. فالتفت جبريل إلى ميكائيل وقال: حق للرجل أن يتخذه ربه خليلا ً".
ومهما يكن فإن الخلة قالها إبراهيم - كما قال تعالى واتخذ الله إبراهيم خليلا ً - قالها بتوحيده وصبره وصدقه وحبه ووفائه ورحمته وهجرته وطاعته ونصيحته ومن أعظمها أن يطلب إليه الحبيب أن يقدم له فلذة كبده فلم يتردد إبراهيم وقدم إسماعيل قربانا ً لله تعالى فأي ابتلاء أعظم من هذا الإ بتلاء؟ وكيف والله تعالى يقول فيه:{إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ , وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الآخِرِينَ سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} .