وعن إبراهيم الأمة نقول: إن وصف إبراهيم بلفظ الأمة كان من وصف الله تعالى له بذلك في قوله من سورة النحل: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} شاكراً لأنعمه.
ووصف الله تعالى هذا له بأنه أمة يعتبر شهادة من الله تعالى له بذلك وكفى بالله شهيداً.
ومعنى أمة أنه جامع للكمالات والفضائل التي لا توجد مجتمعة إلا في أم ة من الناس وهو العدد الكبير. كما أن معنى أمة دال على أن ما تقوم به الجماعة من الناس يقوم به الفرد الموسوم بأنه أمة، وعلى سبيل المثال نقدم رسول الله لهذه الأمة محمد صلى الله عليه وسلم. فنجده فداء أبي وأمي كان قائما ً بما تقوم به أمة من الناس وتعجز عنه، فالرسالة، والإمامة والقضاء، والقيادة فهذه المهام من المناصب لا ي قوم بها عادة إلا أفراد عديدون فإذا قام بها فرد كان بذلك أمة وصح وصفه بأنه وحده أمة.
وهكذا كان إبراهيم أمة فإنه عاش دهراً طويلا ً لا يعبد الله ويوحده في الأرض إلا هو، ولا يأمر بمعروف وينهى عن منكر في الأرض سواه، ثم قد جمع من الفضائل النفسية والكمالية البشرية ما لا يجتمع عادة إلا في العدد الكثير من الناس.
والعبرة من هذه الصفات الكمالية التي استعرضناها لإبراهيم عليه السلام هي أن يجد فيها الداعية المسلم القدوة الصالحة والأسوة الحسنة فيتمثلها في حياته وهو قائم برسالة الحق والخير يعرضها على الناس ويدعوهم إلى الأخذ بها والتمسك بما فيها من الإصلاح والهدى ليكملوا ويسعدوا. فتساعده على حمل رسالته والوصل بها إلى حيث يريد أن يصل بها من إصلاح الناس وهدايتهم ليكملوا ويسعدوا في الحياتين، وسلام على إبراهيم في المرسلين والحمد لله رب العالمين.
ج ـ - موسى الكليم:
من نماذج الدعاة إلى الله تعالى، وإلى الحق والخير، موسى النجي الكليم عليه الصلاة والتسليم.