وعن طهارة المسيح عيسى بن مريم نقول: إن الطهارة الروحية ضرورية لتلقى الوحي الإلهي من الواسطة في ذلك وهم الملائكة عليهم السلام، ومن هنا كان كل الأنبياء إظهار الأرواح أزكياء النفوس معصومين من فعل كل ما يلوث الروح ويخبث النفس. بيد أن ابن مريم عليه السلام قد بلغ في هذا الش أن مستوى رفيعا ً جدا ً تميز به بين إخوانه الأنبياء والمرسلين. ويشهد لذلك ثلاثة أمور:
الأول: إن الشيطان لم يقربه أبدا ً، ذلك لاستجابة الله تعالى لجدته حنة في دعائها، إذ قالت لما ولدت مريم:{رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} فاستجاب الرب تبارك وتعالى لها، وحفظ مريم وولدها عيسى عليه السلام من الشيطان. وفي هذا المعنى يقول الرسول الكريم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:" ما من مولود يولد إلا مسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا ً من مسه إياه. إلا مريم وابنها "، تم يقول أبو هريرة راوي الخبر: اقرءوا إن شئتم: {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} . أخرجه الشيخان البخاري ومسلم وإذا حفظ وهو صبى فحفظه وهو كبير يستعيذ بر ب هـ من الشيطان ويقدر على لعن الشيطان ومخالفته فيما يدعوه إليه أولى وآكد. رو ي أنه عليه السلام نام يوما ً على الأرض بدون فراش وتوسد حجرا ً ونام فوجد لذة النوم. فجاءه إبليس عليه لعائن الله وقال له: يا عيسى ألست تزعم أنك لا تريد شيئا ً من عرض الدنيا، فهذا الحجر من عرض الدنيا، فقام فأخذ الحجر ورمى به إليه، وقال: هذا لك مع الدنيا.