ومن حكمه عليه السلام قوله:" حب الدنيا رأس كل خطيئة، والنظر يزرع في القلب الشهوة، ورب ش هوة أورثت صاحبها حزنا ً طويلا ً ". وكان يقول:" طالب الدنيا مثل شارب ماء البحر كلما ازداد شربا ً ازداد عطشا ً حتى يقتله "، وكان يقول:" لا يستقيم حب الدنيا وحب الآخرة في قلب مؤمن، كما لا يستقيم الماء والنار في إناء ". وقالت له امرأة يوما ً:" طوبى لحجر حملك ولئدى أرضعك !!. فقال: طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبعه ". [١٣]
هذه بعض ما أثرى من حكمه عليه السلام، والقصد من إيرادها الإشارة إلى ك م ال عيسى عليه السلام في هذا الباب، وندب الداعي إلى الله تعالى إلى أن- يتعلم الحكمة ويعمل بها حتى يصبح من أهلها.
ويورث الحكمة شيئان: العمل بالكتاب والسنة، وكثرة الصمت، لأن العمل بالكتاب والسنة يعصم من الخطأ في العمل والحكم، وكثرة الصمت يعصم من الخطأ في القول والتقدير. وقديما ً قال لقمان عليه السلام:" الصمت حكمة وق ل يل فاعله ".
كمال يقينه عليه السلام:
وعن كمال يقين عيسى عليه السلام نقول فقد رو ي " أن الحواريين فقدوا يوما ً نبيهم عيسى عليه السلام فسألوا عنه، فقيل لهم أنه توجه نحو البحر، فانطلقوا يطلبونه هناك، فلما انتهوا إلى البحر، وجدوه عليه السلام على الماء يرفعه الموج مرة ويضعه أخرى وعليه كساء قد ارتدى بنصفه، واتزر بنصفه الآخر. فلما قرب منهم قال له بعضهم ولعله أفضلهم: أجيء إليك يا نبي الله؟ فقال بلى، فوضع الرجل إحدى رجليه في الماء، ثم ذهب ليضع الأخرى، فقال: أؤه، غرقت يا نبي الله، فقال له عيسى عليه السلام: أرني يدك يا قصير الإيمان، لو أن لابن آدم من اليقين قدر شعيرة مشى على الماء ".