لم تذكر كتب التراجم كيف بدأ البيهقي حياته العلمية كما لم تعطنا فكرة واضحة المعالم عن أسرته وطفولته وكيف نشأ، لكنها لم تغفل اهتمامه وشغفه بالبحث والإطلاع الذي جازبه حدود قريته إلى العراق والجبال [٢٤] والحجاز فتلقى من علمائها الكثير وقد ربي عددهم على المائة [٢٥] .
فأخذ عن شيخه أبي عبد الله الحاكم علم الحديث، وأخذ الفقه [٢٦] عن أبي الفتح ناصر بن محمد العمري المروزي [٢٧] . (ت ٤٤٤هـ) .
وقال عبد الغافر [٢٨] :"جمع بين علم الحديث والفقه، وبيان علل الحديث ".
وقال السمعاني [٢٩] :"جمع بين معرفة الحديث والفقه ". هـ.
ومن الغريب أن يقول الذهبي عنه:"دائرته في الحديث ليست كبيرة لكن بورك له في مروياته"[٣٠] .
على رغم ما لمسناه في كتبه من الإطلاع الواسع والمعرفة التامة بالأحاديث وما يتعلق بها.
ورغم ما تقدم من أقوال العلماء وشهاداتهم له وتقديمه في معرفة الحديث ورغم ما أثر عنه من أقوال [٣١] تفيد مدى اهتمامه واشتغاله بهذا العلم منذ حداثته ونعومة أظافره.
وكما استغربنا كلام الذهبي عنه نقف حائرين أمام تفسير عدم تمكنه من الإطلاع على (سنن النسائي) و (سنن ابن ماجه) و (جامع الترمذي)[٣٢] ، وقد علمنا مدى حرصه واهتمامه بكتب السنة وما قام به من رحلات عديدة للتحصيل وجمع المعلومات.
(مصنفاته)
بعد أن جاب البيهقي أقطار الأرض طلباً للعلم والتقى بالكثير من العلماء ونهل من مواردهم المختلفة حتى فاق الكثير منهم عاد إلى بلده [٣٣] وأخذ يكتب الرسائل ويؤلف الكتب حتى بلغت - فيما قيل - ألف جزء، منها ما هو في الحديث، ومنها ما جمع بين الفقه والحديث ومنها ما انفرد بالعقائد، ولقد بورك له في مؤلفاته حتى لا يكاد يستغني عنها مسلم فنشر منها الكثير وما لم تزغ عنه أعين الباحثين يترقبون له الفرص لنشره وبثه ليستقى من نهله العذب.