وصورة الثقة بالله ونصره عندما قال له أبو بكر رضي الله عنه الصديق - وهما في طريق الهجرة -: "لو أنّ أحدهم نظر إلى موضع قدمه لرآنا", فيقول له - بيقين الواثق ثقة المتوكل -: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما, لا تحزن إنّ الله معنا".
إلى غير ذلك من الصور التي كانت للصحابة الأسوة الكاملة, والقدوة العاملة, فكانوا يرون الأخلاق العظيمة متجسدة في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يدفعهم إلى الإتباع, ويحفزهم إلى التخلق بأخلاق المصطفى صلى اله عليه وسلم, وبذلك تخرّجوا من مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم, وكل منهم يحمل الإسلام في عمله وأخلاقه قبل خطابه وكلماته, فكانوا صورة صادقة للإسلام, وأسوة مطبقة لما يدعون الناس إليه, فدخل الناس في دين الله أفواجا, وانهارت الممالك أمامهم ذليلة خاضعة أمام قوتهم, مكبرة لأخلاقهم وآدابهم.
هذا ما كان, وأما ما صار الأمر إليه في هذه العصور, فقد غدا الدعاة يتكلمون ولا يعملون, فإذا سألت أحدهم عن ذلك قال: "خذوا أقوالنا ولا تقلدون في أعمالنا".
وبهذا أصبحت دعوة الإسلام -كأي دعوة أرضية - كلاما يحمل, وفكرة تتبنى, ليس لها في عالم الواقع حقيقة ومثالا, ولا رصيد في سماء التطبيق, فلهذا لم تعد الاستجابة للدعاة كاملة, إذ ترك الداعية لبعض ما يدعوا الناس إليه يشككهم في دعوته, قائلين: "لو كان خيرا لسبقنا إليه".
فنسأله تعالى أن يجعلنا ممن يعمل بما يعلم, ويكون قدوة صالحة للمجتمع الإسلامي الكامل. والله الموفق.
حبّ السلامة
حب السلامة يثني هم صاحبه
عن المعالي ويغري المرء بالكس
فإن جنحت إليه فاتخذ نفقا
في الأرض أو سلما في الجو واعتزل
ودع غمار العلى للمقدمين على
ركوبها واقتنع منهن بالبلل
الطغرائي