نتيجة أنهم نظروا للفعل نظرة المبني للمجهول حقيقة؛ فشذ بذلك نظرهم في مجموعة كبيرة من الأساليب، ولو حققنا هذه الأساليب تبعاً لأفعالها لوجدناها سائغة وقياسية وأنها وردت عن كثير من شعراء وأدباء العرب قديماً ولكنها من الأمور التي ترجع إلى اللغات مثل تعدد صور المضارع واختلاف الصيغ في الماضي من فعل، وفعل، وفعل بفتح الفاء والعين، وفتحها مع كسر العين، وضمها مع كسر العين مع اتفاق المعنى واختلافه في المادة الواحدة، ومن الملحوظ أن اللغويين قد أفردوا باباً لما جاء من الأفعال على صيغة ما لم يسم فاعله، فابن سيدة [٢] المتوفى سنة ٤٥٨هـ في السفر- ١٥ (باب ما جاء من الأفعال على صيغة ما لم يسم فاعله) يقول: وهذا الباب على ضربين فمنه ما لا يستعمل إلا على تلك الصيغة (كـ عنيت بحاجتك، ونفست المرأة) ومنه ما تكون على هذه الصيغة أغلب، وقد يستعمل بصيغة ما سمي فاعله (كـ زهيت علينا) فإن ابن السكيت حكى زهوت، وإنما أفرد ما لم يسم فاعله أفعال (ما) على صيغة (ما) ؛ لأن ما لم يسم فاعله نائب مناب الفاعل فافردوه بمثال لا يكون لغيره كما أن للفاعل أفعالاً على صيغة خص بها نحو (فعل) وانفعل فمن هذا الباب: عنيت بحاجتك ووعك الرجل، وحم، وقحطت الأرض، وقد أولعت بالشيء وقد بهت الرجل، وقد وثئت يده وقد شغلت عنك وقد شهر في الناس، وطلّ دمه، وهدر دمه، ووقص الرجل إذا سقط عن دابته فاندقت عنقه، ووضع الرجل في التجارة، ووكس وغبن في البيع غبناً وغبن رأيه إذا كان ضعيف الرأي، وهزل الرجل والدابة ونكب الرجل، ورهصت الدابة ونتجت، وعقمت المرأة (إذا لم تحبل) وفلج الرجل من الفالج، وقد غم الهلال على الناس، وأغمي المريض وغشي عليه، وقد أهل الهلال على الناس، واستهل، وقد شدهت: وقد برّ حجك وثلج فؤادك إذا كان بليداً، وثلج بخير أتاه إذا سر به وقد امتقع لونه (تغير) ، وكذلك انتقع والتمع واهتقع وانشف وانتشف كله بمعنى، وانقطع بالرجل وهذا كله حكاية