للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما ابن درستوريه المتوفى سنة ٣٤٧هـ فيقول في الرسالة المشتملة على انتقاد ابن الخشاب البغدادي على العلامة أبي محمد الحريري في مقاماته ثم انتصار ابن بري للإمام الحريري في الرد على ابن الخشاب قال ابن الخشاب معترض على الحريري في المقامة السادسة عند قوله:"ومتى اخترع خرع وإن بده شده ".

قال ابن الخشاب:" (شده) من الأفعال التي جاءت في كلامهم مقصورة على بناء الذي لم يسم فاعله. كقوله: شدهت وأنا مشدوه أي شغلت وهو يقارب دهش ولا يكادون يقولون: شدهني كذا، ولا شدهت زيداً في كلام فصيح وقد بينوا ذلك في المختصرات من كتب اللغة فضلاً عن غيرها، قال ابن بري المتوفى سنة ٥٨٢ هـ:" إنما قطع ابن الخشاب على ابن الحريري بالغلط في قوله (شده) ثقة بقول ثعلب في الفصيح (وقد شدهت، وأنا مشدوه) .

ألا تراه يقول: وقد بينوا ذلك في كتب المختصرات يعني كتاب الفصح ولم يعلم بأن ابن دستوريه أنكر ما قاله ثعلب وغيره من أهل اللغة وهذه حكاية لفظه- قال ابن درستويه:"عامة أهل اللغة يزعمون أن هذا الباب لا يكون إلا مضموم الأول، ولم يقولوا إنه إذا سمي فاعله جاز بغير ضم وهذا غلط منهم لأن الأفعال كلها مفتوحة الأوائل في الماضي فإذا لم يسم فاعلها فهي كلها مضمومة الأوائل ولم يخصّ بذلك بعضها دون بعض وقد بينا ذلك بعلته وقياسه "، وذكر أنه يجوز: عنيت بأمرك، وعناني أمرك، وشغلت بأمرك وشغلني أمرك، وشدهت بأمرك وشدهني أمرك فهذا الذي ذكره ابن درستوريه تصحيح لقول ابن الحريري وإبطال لقول غيره وفي ذلك كفاية تغني عن زيادة إيضاح وبيان ".

ومما يتصل بهذا ما جاء في المقامة السابعة والثلاثين:

(فسقط الفتى في يده ولاذ بحقو والده)

قال ابن الخشاب:"أخطأ في قوله: (سقط الفتى في يده) .

ولم يعلم حقيقة هذا الكلام كيف تستعمله العرب.

وبيانه: يقال: (سقط في يد فلان) إذا ندم، ولا يقال (سقط فلان في يده) .