قال الله تعالى:{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} ولم يقل (سقطوا في أيديهم) وهذا كلام جار مجرى المثل، وفاعل (سقط) مضمر لا يظهر، معناه الندم فكأنه والله أعلم (سقط الندم في يد فلان) وليس المعنى (سقط فلان في يد نفسه) هذا محال لا يجوز عليه ولا يعطيه لفظ هذا الكلام ولا معناه، وهذا الغلط من أفحش غلط الحريري في مقاماته، ويدل عليه دلالة قاطعة قوله تعالى:{وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا} أي في الثاني وهو ضلوا وهو ضمير المذكورين في أول الآيات ولم يأت به في الأول وهو سقط لأن فاعله غيرهم وهو ضمير الندم على ما بيّن أهل اللغة العربية وهو الصواب والله أعلم ".
قال (ابن برى) :"قول ابن الخشاب: إن قي سقط من قولهم: (سقط قي يده) وفي قوله تعالى: {سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ} فضمير لا يظهر، معناه: الندم غلط فيه لأن (سقط) فعل غير متعد إنما ذلك في قراءة من قرأ (سقط في أيديهم) وهى قراءة حكاها الأخفش وقال: تقريره: (ولما سقط الندم في أيديهم) وإذا ثبت أن الندم فاعل لسقط لم يجز أن يكون مرفوعاً لسقط، لأن الفاعل لا يكون مفعولاً لم يسم فاعله وإنما يكون غيره وهو قوله (في أيديهم) وكذلك (سقط في يده) الجار والمجرور في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله ".
وظاهر كلام ابن الخشاب يقتضي أن القراءة المشهورة:{وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِم} بفتح السين وذلك غلط على أن القراء كلهم مجمعون على (سقط) بضم السين وكسر القاف وهو من الأفعال المبنية لما لم يسم فاعله، مثل: جنّ وزكم.