ولم يقرأ أحد (سقط في أيديهم) إلا أبو السميفع في الشواذ من القراءات وذلك غير معروف عند أهل اللغة وكذلك ذكره ابن الحريري (فسقط الفتى في يده)(ولاذ بحقو والده) ولم يرو أحد عنه فسقط الفتى بفتح السين ولا يصح كلام ابن الخشاب إلا على (سقط) بفتح السين وهو خلاف ما روي عن ابن الحريري في مقاماته إلا أن ابن الحريري غلط بذكر الفتى وصوابه (فسقط في يده) من غير ذكر (الفتى) أو يقول: فإذا الفتى ساقط في يده ولا يكون في سقط ضمير الفتى.
لأنه فعل غير متعد والمجرور في موضع رفع به.
فإذا قال قائل: فلعل هذا من غلط الكاتب على ابن الخشاب أن مثل هذا لا يخفى عليه أعني القراءة المجمع عليها {وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِم} على ما لم يسم فاعله:
قيل له كلام ابن الخشاب يقتضي أنه إنما قال (سقط) بفتح السين ألا تراه قال:"وفاعل سقط المضمر لا يظهر "[٤] .
ومعناه: الندم ثم قال بعد هذا، ويدل عليه دلالة قاطعة أي على أن الندم مضمر في (سقط) ، قوله تعالى:{وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا} وهو ضمير المذكورين في أول الآيات، ولم يأت به في الأول وهو (سقط) لأن فاعله غيرهم وهو ضمير على ما بيّن أهل اللغة العربية وهو الصواب، انقضى كلام ابن الخشاب.
وقد أثبت أن القراءة (سقط) بفتح السين وأن الفاعل لم يظهر في (سقط) كما ظهر في (ضلوا) ، ولك فاعل (سقط) عين فاعل (ضلوا) وهو الندم، وقد ثبت بهذا غلطة في القراءة، اللهم إلا أن يكون الناقل عنه قد غير الكلام عليه، وأن الذي قال: إن (سقط في يده) فعل مبني للمفعول، وكان الفعل قبل أن يبنى للمفعول (سقط في يده) بفتح السين أي سقط الندم في يده ثمّ حذف الفاعل وأقيم الجار والمجرور مقامه، والدليل على صحة ذلك (سقط في أيديهم) فحينئذ يكون الكلام مستقيماً والردّ صحيحاً.